السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعتقد أن قوة الإرادة شيء جميل يجب أن يتحلى به الواحد منا، فبقوة الإرادة يصبح الواحد منّا سيد الموقف والمتحكم فيه والمسيطر عليه والمصرف له، فقوة الإرادة تعلي إحساس أحدنا بقيمته وحريته، وتجعل من كل واحد منّا كياناً منفرداً له هوية وشخصية واضحة المعالم، يختلف بها عن الآخرين. أما ضعف الإرادة أو انعدامها فتجعل من الواحد منّا عبداً للموقف وللآخر، فالآخر هو الذي يقرر ويقود وضعيف الإرادة هو الذي ينفذ وينقاد بغض النظر عن قناعته الشخصية بما قرره الآخر، حتى ولو لم يرض عنه، ولذلك من الصعب لضعيف الإرادة أو من عدمها، أن تعنون كيانه، فتصرفاته كلها – تقريباً – مملاة عليه من الخارج، وليس عنده – في أغلب الأحيان – فعل ذاتي مرتبط بشخصيته هو. وعلاقة ضعف الإرادة – هذه – قد نجدها بين شخصين، التعامل بينهما مباشر وصريح، وهذه هي الصورة التقليدية الواضحة للموضوع، ففي هذه العلاقة هناك شخص تابع بوضوح وآخر متبوع بوضوح لا لبس فيه، وكذلك ضعف الإرادة – قد نجدها بين كيانين أحدهما مرئي وهو التابع، والآخر خفي وهو المتبوع كالعلاقة بين الشيطان والإنسان، فالشيطان كائن خفي يحاول السيطرة علي الإنسان عن طريق وسيط ، وهو الوسيط الإغوائي. إن الشيطان لا يظهر للإنسان ظهوراً مرئياً ويقول له أنا الشيطان، تعال أيها الإنسان واتبعني حتى أبعدك عن ربك وأجعلك تعصاه كما عصيته، فهذه هي مهمتي التي لا أسعي لغيرها! إنه – أي الشيطان – يحاول أن يصل إلي هدفه هذا بأسلوب خفي يمكنه من السيطرة علي الإنسان ليقوده حيثما يريد قال تعالي:" يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما، إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم، إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون." الأعراف 17 . وهو لا يترك جهداً ولا سبيلاً لتحقيق غاياته إلا ويسلكه، قال تعالي علي لسانه:" قال أنظرني إلي يوم يبعثون قال إنك لمن المنظرين. قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم. ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم، ولا تجد أكثرهم شاكرين.
يا إخواني أرجوكم – بالله – أن تقولوا للشيطان – بالفعل وليس القول وحده- لا! نحن نرفض سيطرتك علينا – لله، ونرفض اتباعك .. لله، سوف نقاطع الحرام، ولن نمكنك من إفساد الحياة علينا، سوف نتعرض لنفحة الله بالعمل الصالح، فسوف نصلي ولن نضيع الصلاة المكتوبة ، وصلاة الشفع والوتر، وسوف نقرأ القرآن، وسوف نذكر الله وسندعو الله أن يجعل هذا الحياة المباركة جسرنا إلي الجنة وإلي مرضاته، سوف نكون أصحاب إرادة. سوف نكون أصحاب إرادة بإذن الله تعالي. اللهم يسر لنا طاعتك، وخذ بأيدينا إليك أخذ الكرام عليك، ولا تكلنا لأنفسنا أو للشيطان طرفة عين من ليل أو نهار أو أقل من ذلك. اللهم آمين.